فلسفة التاريخ عند ابن خلدون
تأليف
د. زينب محمود الخضيري
للنفذري مذهب صوفي جديد الى حد كبير ، وهو مذهب يقوم على ما يسمى "بالوقفة " التي هي نهاية وتتويج لسلسة المجاهدات ، التي تأخذ هيئة سلم
تصاعدي يبدأ من الجهل ، ثم يترقى الى العلم ، ثم الى المعرف ، ثم إلى الوقفة ، وأخيرا ينتهي أمر المجاهد ، أو السلك أو " الواقف " – على حد تعبير النفّري إلى الجهل مرة أخرى ، ولكن شتان ما بين جهل حقيقي ، وجهل مجازي ، جهل جاهل بالفعل ، وجهل يتجاوز العلم والمعرفة ، ويعلو عليهما وعلى كل الحدود.
ويرى صوفينا أنه لا بد للسالك من الاستقامة الشرعية ، والامتثال للأوامر والنواهي ، وهذا ما يبين اتجاهه السني في ربط أحوال التصوف بالشريعة دائما.
اثر ابن رشد في فلسفة العصور الوسطى
تأليف
د. زينب محمود الخضيري
لم يثر أي فيلسوف على مر تاريخ الفكر الفلسفي ما أثاره ابن رشد من دوي : فما أكثر ما مجد بعد وفاته ، وما أكثر ما هوجم ، وكفر ابن رشد رسميا في حياته وبعد مماته ، في حياته من جانب علماء الكلام المسامين وبعد وفاته من جانب الكنيسة ورجالها . وكأنما كان على ابن رشد ، حامل لواء العقلانية في العصور الوسطى ، أن يتحمل وحده كل الهجوم الذي يثيره دائما هذا الاتجاه في اي عصر يضع العقيدة الدينية في المرتبة الأولى ، ويجعل دور العقل في خدمة تلك العقيدة والدفاع عنها . ولم يكن ابن رشد ، في حقيقة الأمر كما بينا ، ملحدا كما صوره الكثيرون ، بل كان فحسب صاحب عقلية تلتزم دائما بالمنطق وتطالب بحقها في اخضاع كل شيء ، باستثناء بعض العقائد الدينية ، لحكم العقل.
وكان في استطاعة العصور الوسطى المسيحية أن تتجاهله تماما ، لولا أنه كان أعظم شراح ارسطو ذلك الفيلسوف الذي أقبلت عليه هذه العصور إقبالا عظيما على يد مفكريها سواء كانوا علماء لاهوت أم فلاسفة . لقد فعل ابن رشد لأرسطو ما لم يفعله المؤلفون المسلمون إلا للقرآن ، فبدا في معظم الأحيان وكأنه يريد التفكير لحساب أرسطو أكثر مما يريد أن يفكر لحسابه ، مما جعل فلسفته تمثل عودة للأرسطية الأصلية ورد فعل ضد الفلسفة الأفلاطونية المحدثة.